تُعتبر المنح الجامعية من أهم آليات الدعم الاجتماعي الموجهة للطلبة في المغرب، إذ تُمنح لفائدة الفئات التي تحتاج إلى مساعدة مادية لمتابعة دراستها في ظروف ملائمة. وتتكفل وزارة التعليم العالي والمكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية بتدبير هذا النظام، بهدف تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع الطلبة، خاصة المنحدرين من أسر ذات دخل محدود.
تخضع الاستفادة من المنح الجامعية لمعايير محددة، من أبرزها الوضعية الاجتماعية للأسرة، وعدد أفرادها، والدخل السنوي، إضافة إلى البعد الجغرافي بين مقر سكن الطالب والجامعة. هذه الشروط تهدف إلى توجيه الدعم نحو الطلبة الأكثر حاجة، مع ضمان أن يظل الحق في التعليم العالي متاحاً للجميع. ويتم الترشح عادة عبر منصات إلكترونية وطنية، مما يختصر المساطر التقليدية ويزيد من شفافية العملية.
تتنوع المنح الجامعية بين منح السلك الأول (الإجازة)، ومنح الماستر، ومنح الدكتوراه، حيث تختلف قيمتها المالية حسب المستوى الدراسي. ففي الوقت الذي تهدف منح الإجازة إلى مساعدة الطلبة الجدد على تغطية مصاريف الإقامة والتنقل، فإن منح الماستر والدكتوراه تُخصص بشكل أكبر لدعم البحث العلمي وتخفيف العبء المالي عن الطلبة الباحثين.
إلى جانب الدعم المباشر، تساهم المنح الجامعية في تمكين الطلبة من الاستفادة من خدمات الأحياء الجامعية، والمطاعم، والأنشطة الثقافية والرياضية. هذا التكامل بين الجانب المادي والخدماتي يجعل من المنحة ركيزة أساسية في الحياة الطلابية، إذ تُمكن الطالب من التركيز على دراسته دون الانشغال المفرط بالتكاليف المعيشية.
غير أن المنح الجامعية تواجه عدة تحديات، أبرزها محدودية الميزانية المرصودة مقابل الارتفاع المستمر لعدد الطلبة المسجلين في الجامعات. هذا الواقع يؤدي أحياناً إلى استثناء بعض الطلبة رغم استحقاقهم، أو إلى تقليص عدد المستفيدين. كما يُطرح مشكل تأخر الإعلان عن النتائج وصرف المستحقات، وهو ما يخلق صعوبات إضافية للطلبة.
ويأمل الطلبة أن تعمل السلطات المعنية على الرفع من قيمة المنح وعدد المستفيدين، بما يتناسب مع تكاليف العيش والدراسة في المدن الجامعية الكبرى. كما ينتظرون إصلاحات أعمق تضمن عدالة اجتماعية أكبر، وتربط بين المنحة وجودة الخدمات الطلابية. فالمنحة ليست مجرد مساعدة مالية، بل هي أداة لتحقيق تكافؤ الفرص وبناء جيل قادر على المساهمة الفعالة في تنمية المغرب.